وقال ابن عطية :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾
قرأ جمهور الناس " إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم " بتثقيل " إنّ " ورفع " عبادٌ " وهي مخاطبة للكفار في تحقير شأن أصنامهم عندهم أي إن هذه الأصنام مخلوقة محدثة، إذ هي أجسام وأجرام فهي متعبدة أي متملكة، وقال مقاتل، إن المراد بهذه الآية طائفة من العرب من خزاعة كانت تعبد الملائكة فأعلمهم الله أنهم عباد أمثالهم لا آلهة، وقرأ سعيد بن جبير " إن الذين تدعون من دون الله عباداً أمثالكم " بتخفيف النون من " إنْ " على أن تكون بمعنى ما وبنصب قوله " عباداً وأمثالكم "، والمعنى بهذه القراءة تحقير شأن الأصنام ونفي مماثلتهم للبشر، بل هم أقل وأحقر إذ هي جمادات لا تفهم ولا تعقل، وسيبويه يرى أن " إن " إذا كانت بمعنى " ما " فإنها تضعف عن رتبة " ما " فيبقى الخبر مرفوعاً وتكون هي داخلة على الابتداء والخبر لا ينصبه، فكان الوجه عنده في هذه القراءة " إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم " وأبو العباس المبرد يجيز أن تعمل عمل " ما " في نصب الخبر، وزعم الكسائي أن " إن " بمعنى " ما " لا تجيء إلا وبعدها إلا كقوله تعالى :﴿ إن الكافرون إلا في غرور ﴾ [ الملك : ٢٠ ] ثم بين تعالى الحجة بقوله ﴿ فادعوهم ﴾ أي فاختبروا فإن لم يستجيبوا فهم كما وصفنا. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon