وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ إن الذين تدعون من دون الله ﴾
يعني الأصنام ﴿ عبادٌ أمثالكم ﴾ في أنهم مسخَّرون مذلَّلون لأمر الله.
وإنما قال "عباد" وقال :﴿ فادعوهم ﴾، وإن كانت الأصنام جماداً، لما بيَّنا عند قوله :﴿ وهم يُخلقون ﴾.
قوله تعالى :﴿ فليستجيبوا لكم ﴾ أي : فليجيبوكم ﴿ إن كنتم صادقين ﴾ أنَّ لكم عندهم نفعاً وثواباً. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾ حاجّهم في عبادة الأصنام "تَدْعُونَ" تعبدون.
وقيل : تدعونها آلهة.
"مِنْ دُونِ اللَّهِ" أي من غير الله.
وسميت الأوثان عِباداً لأنها مملوكة لله مسخّرة.
الحسن : المعنى أن الأصنام مخلوقة أمثالكم.
ولما اعتقد المشركون أن الأصنام تضر وتنفع أجراها مجرى الناس فقال :﴿ فادعوهم ﴾ ولم يقل فادعوهن.
وقال :"عِبَادٌ"، وقال :"إنَّ الّذِينَ" ولم يقل إنّ الَّتي.
ومعنى "فادعوهم" أي فاطلبوا منهم النفع والضر.
﴿ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ أن عبادة الأصنام تنفع.
وقال ابن عباس : معنى فادعوهم فاعبدوهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله سبحانه وتعالى :﴿ إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم ﴾
يعني أن الأصنام التي يعبدها هؤلاء المشركون إنما هي مملوكة لله أمثالهم وقيل إنها مسخرة مذللة مثل ما أنتم مسخرون مذللون قال مقاتل في قوله سبحانه وتعالى :﴿ عباد أمثالكم ﴾ أنها الملائكة والخطاب مع قوم كانوا يعبدون الملائكة والقول الأول أصح وفيه سؤال وهو أنه وصفها بأنها عباد مع أنها جماد.
والجواب أن المشركين لما ادعوا أن الأصنام تضر وتنفع وجب أن يعتقدوا كونها عاقلة فاهمة فوردت هذه الألفاظ على وفق معتقدهم تبكيتاً لهم وتوبيخاً ولذلك قال :﴿ فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ﴾ في كونها آلهة وجواب آخر وهو أن هذا اللفظ إنما ورد في معرض الاستهزاء بالمشركين والمعنى أن قصارى هذه الأصنام التي تعبدونها أحياء عاقلة على معقتدكم فهم عباد الله أمثالكم ولا فضل لهم عليكم فلما عبدتموهم وجعلتموهم آلهة وجعلتم أنفسكم لهم عبيداً ثم وصفهم بالعجز. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon