وأجابت المعتزلة بأن المراد لا أملك لنفسي من النفع والضر إلا قدر ما شاء الله أن يقدرني عليه ويمكنني منه. وظاهر الآية وإن كان عاماً إلا أنها مخصوصة بصورة النزول. قال الكلبي : إن أهل مكة قالوا : يا محمد ألا يخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو فتشتري فتربح، وبالأرض التي يريد أن تجدب فترتحل عنها إلى ما قد أخصب، فأنزل الله هذه الآية، فالمراد بالخير في قوله ﴿ ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ﴾ هو جلب منافع الدنيا وخيراتها من الخصب والأرباح والأكساب. وقيل : المراد ما يتصل بأمر الدين يعني لو كنت أعلم بالغيب لكنت أعلم أن الدعوة إلى الدين الحق تؤثر في هذا ولا تؤثر في لك فكنت أشتغل بدعوة هذا دون ذاك. وقال بعضهم :" لما رجع ﷺ من غزوة بني المصطلق جاء في الطريق ريح نفرت ناقته منها فأخبر ﷺ بموت رفاعة وكان فيه غيظ للمنافقين وقال :" انظروا أين ناقتي ". فقال عبد الله بن أبيّ لقومه : ألا تعجبون من هذا الرجل يخبر عن موت رجل بالمدينة ولا يعرف أين ناقته. فقال صلى الله عليه وآله :" إن ناساً من المنافقين قالوا كيت وكيت وناقتي في هذا الشعب قد تعلق زمامها بشجرة " فوجدوها على ما قال فنزلت " أما قوله ﴿ وما مسني السوء ﴾ فمعناه لكان حالي على خلاف ما هي عليه من المغلوبية في بعض الحروب والخسران في بعض التجارات والأخطاء في بعض التدبير ﴿ إن أنا ﴾ إلا عبد مرسل للنذارة والبشارة وما من شأني أن أعلم الغيب. وقوله ﴿ لقوم يؤمنون ﴾ إما أن يتعلق بالبشير وحده ويكون المتعلق بالنذير وهو للكافرين محذوفاً للعلم به كقوله ﴿ سرابيل تقيكم الحر ﴾ [ النحل : ٨١ ] أو يتعلق بالوصفين جميعاً إلا أن المؤمنين لما كانوا هم المنتفعين به خصوا بالذكر كقوله ﴿ هدى للمتقين ﴾ [ البقرة : ٢ ] واعلم أن أكثر ما جاء في القرآن من لفظي الضر والنفع معاً جاءا بتقديم لفظ الضر على النفع وهو الأصل لأن العابد