أنه تعالى قال :﴿واذكر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ﴾ ولم يقل : واذكر إلهك ولا سائر الأسماء، وإنما سماه في هذا المقام باسم كونه ربا، وأضاف نفسه إليه، وكل ذلك يدل على نهاية الرحمة والتقريب والفضل والإحسان، والمقصود منه، أن يصير العبد فرحاً مبتهجاً عند سماع هذا الاسم، لأن لفظ الرب مشعر بالتربية والفضل، وعند سماع هذا الاسم يتذكر العبد أقسام نعم الله عليه، وبالحقيقة لا يصل عقله إلى أقل أقسامها، كما قال تعالى :﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا﴾ [ إبراهيم : ٣٤ ] فعند انكشاف هذا المقام في القلب يقوى الرجاء، فإذا سمع بعد ذلك قوله :﴿تَضَرُّعًا وَخِيفَةً﴾ عظم الخوف، وحينئذ تحصل في القلب موجبات الرجاء وموجبات الخوف، وعنده يكمل الإيمان على ما قال عليه السلام :" لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا " إلا أن هنا دقيقة، وهي أن سماع لفظ الرب يوجب الرجاء وسماع لفظ التضرع والخيفة يوجب الخوف، فلما وقع الابتداء بما يوجب الرجاء، علمنا أن جانب الرجاء أقوى.
القيد الثاني : من القيود المعتبرة في الذكر حصول التضرع، وإليه الإشارة بقوله تعالى :﴿تَضَرُّعًا﴾ وهذا القيد معتبر، ويدل عليه القرآن، والمعقول.