واستشار أصحابه في المنزل، فقال الحباب بن المنذر بن الجموح.. انطلق بنا إلى أدنى بئر إلى القوم. فإني عالم بها وبقلبها. بها قليب [ أي بئر قديمة لا يعلم من حفرها ] قد عرفت عذوبة مائه، وماء كثير لا ينزح. ثم نبني عليها حوضاً، ونقذف فيه الآنية فنشرب ونقاتل ; ونعور ما سواها من القلب. فقال: يا حباب أشرت بالرأي [ وفي رواية ابن هشام عن ابن إسحاق أن الحباب بن المنذر قال: يا رسول الله، هذا المنزل أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال:" بل هو الرأي والحرب والمكيدة " قال: يا رسول الله، هذا ليس بمنزل.. ثم أشار بما أشار ] ونهض رسول الله ( ﷺ ) فنزل على القليب ببدر. وبات تلك الليلة يصلي إلى جذم شجرة [ أي ما بقي من جذعها بعد قطع أعلاه ]. وكانت ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان. وفعل ما أشار به الحباب.. وبعث الله السماء، فأصاب المسلمين ما لبد الأرض ولم يمنع من السير. وأصاب قريشاً من ذلك ما لم يقدروا أن يرتحلوا منه. وإنما بينهم قوز من رمل. وكان مجيء المطر نعمة وقوة للمؤمنين، وبلاء ونقمة على المشركين. وأصاب المسلمين تلك الليلة نعاس ألقي عليهم. فناموا، حتى إن أحدهم تكون ذقنه بين ثدييه وما يشعر حتى يقع على جنبه. واحتلم رفاعة ابن رافع بن مالك حتى اغتسل آخر الليل.. وبعث ( ﷺ ) عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - فأطافا بالقوم، ثم رجعا فأخبراه أن القوم مذعورون، وأن السماء تسح عليهم.