وبني لرسول الله ( ﷺ ) لما نزل على القليب - عريش من جريد. وقام سعد بن معاذ على بابه متوشح السيف. ومشى رسول الله ( ﷺ ) على موضع الوقعة، وعرض على أصحابه مصارع رؤوس الكفر من قريش مصرعاً مصرعاً، يقول: هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان.. فما عدا واحد منهم مضجعه الذي حدّ له الرسول. وعدل ( ﷺ ) الصفوف. ورجع إلى العريش فدخل ( ﷺ ) وأبو بكر رضي الله عنه.
قال ابن إسحاق: وقد ارتحلت قريش حتى أصبحت فأقبلت. فلما رآها رسول الله ( ﷺ ) - تصوّب من العقنقل [ وهو الكثيب الذي جاءوا منه ] إلى الوادي، قال:" اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادّك، وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أحنِهم الغداة ". وقد قال رسولالله ( ﷺ ) وقد رأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر، فقال:" إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشدوا ".
"وقد كان خُفاف بن أيماء بن رحضة الغفاري - أو أبوه أيماء بن رحضة الغفاري - بعث إلى قريش - حين مروا به - ابناً له بجزائر [ أي ذبائح ] أهداها لهم. وقال: إن أحببتم أن نمدكم بسلاح ورجال فعلنا. قال: فأرسلوا إليه مع ابنه أن وصلتك رحم. قد قضيت الذي عليك. فلعمري لئن كنا إنما نقاتل الناس فما بنا من ضعف عنهم، ولئن كنا إنما نقاتل الله، كما يزعم محمد، فما لأحد بالله من طاقة.
فلما نزل الناس أقبل نفر من قريش حتى وردوا حوض رسول الله ( ﷺ ) فيهم حكيم ابن حزام. فقال رسول الله ( ﷺ ) " دعوهم ". فما شرب منه رجل يومئذ إلا قتل. إلا ما كان من حكيم بن حزام فإنه لم يقتل. ثم أسلم بعد ذلك فحسن إسلامه. فكان إذا اجتهد في يمينه قال: لا والذي نجاني من يوم بدر !