وقال الشيخ الصابونى :
سورة الأنفال
الأنفال مدنية وآياتها خمس وسبعون
بين يدي السورة
سورة الأنفال إحدى السور المدنية التي عنيت بجانب التشريع، وبخاصة فيما يتعلق بالغزوات والجهاد في سبيل الله، فقد عالجت بعض النواحي الحربية التي ظهرت عقب بعض الغزوات، وتضمنت كثيرا من التشريعات الحربية، والإرشادات الإلهية التي يجب على المؤمنين إتباعها في قتالهم لأعداء الله، وتناولت جانب السلم والحرب، وأحكام الأسرى والغنائم.
" نزلت هذه السورة الكريمة في أعقاب (غزوة بدر) التي كانت فاتحة الغزوات في تاريخ الإسلام المجيد، وبداية النصر لجند الرحمن، حتى سماها بعض الصحابة " سورة بدر " لأنها تناولت أحداث هذه الموقعة بإسهاب، ورسمت الخطة التفصيلية للقتال، وبينت ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن من (البطولة والشهامة) والوقوف في وجه الباطل، بكل شجاعة وجرأة، وحزم وصمود. ومن المعلوم من تاريخ الغزوات التي خاضها المسلمون أن غزوة بدر كانت في " رمضان " من السنة الثانية للهجرة، وكانت هي الجولة الأولى من جولات الحق مع الباطل، ورد البغي والطغيان، وإنقاذ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، الذين قعد بهم الضعف في مكة، وأخذوا في الضراعة إلى الله أن يخرجهم من القرية الظالم أهلها، وقد إستجاب الله ضراعتهم فهيأ لهم ظروف تلك الغزوة، وبها عرف أنصار الباطل انه مهما طال أمده، وقويت شوكته، وامتد سلطانه، فلا بد له من يوم يخر فيه صريعا أمام جلال الحق وقوة الإيمان، وهكذا كانت غزوة بدر نصرا للمؤمنين، وهزيمة للمشركين. " وفي ثنايا سرد أحداث بدر جاءت النداءات الإلهية للمؤمنين ست مرات بوصف الإيمان [ يا أيها الذين آمنوا ] كحافز لهم على الصبر والثبات في مجاهدتهم لأعداء الله، وكتذكير لهم بأن هذه التكاليف التي أمروا بها من مقتضيات الإيمان الذي تحلوا به، وأن النصر الذي حازوا عليه، كان بسبب الإيمان لا بكثرة السلاح والرجال.