فصل فى التعريف بالسورة الكريمة
قال الشيخ محمد أبو زهرة :
سورة الأنفال
تمهيد
هذه السورة مدنية، وقالوا : إن سبع آيات منها مكية، وعباراتها السامية تنبى عن أنها مكية، وهى تبتدئ من قوله تعالى :( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والفه خير الماكرين )، فإن هذه الآيات السبع مكية، تدل عليها عباراتها وزمانها، ولكن لأنها متصلة بالهجرة أضيفت إلى سورة مدنية.
والأنفال سميت بأولها، وهو ( يسألونك عن الأنفال )، فسميت بهذا الاسم، وإن هذه السورة تشتمل على أعمال من أجل ما قام فى الإسلام، ففيها كان يوم الفرقان، يوم التقى الجمعان، وبهذا اللقاء كان الفرق بين عزة الحق وذلة الباطل، وفيها تشريع الأنفال والغنائم، وفيها حكم الأسرى، ومتى يكون الأسر، وفيها إعداد العدة، وفيها الوفاء بالعهد، ومتى ينقض.
وقد ابتدئت السورة بذكر الأنفال، وما يؤخذ من الحرب، وبين الله تعالى
أنها فى الأصل لله تعالى ورسوله، ليقوى بها الجيش، ويتخذ منها العدة والاهبة، وكان ذلك إيذانا بما يجيء بعد ذلك من يوم الفرقان.
ابتدئت السورة بالإشارة إلى ما كان من تساؤل حول الأنفال، ثم تكلمت بعد ذلك عن الاستعداد للالتقاء يوم الفرقان، وكانت أول العدة طاعة الله ورسوله، وامتلاء القلوب بهيبة الله، وبيان أن المؤمنين المجاهدين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا، ويتوكلون على ربهم إذا أعدوا العدة، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، وإن ذكر الماضى وإرادة تغييره يكون
بالعمل والجهاد، وإنه يجب الصبر على فراق الأحبة، ومنع المجادلة فى الحق، قال تعالى :( كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون - يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وفم ينظرون )