نزلت سورة الأنفال التي نعرض لها هنا بعد سورة البقرة.. نزلت في غزوة بدر الكبرى في شهر رمضان من العام الثاني للهجرة بعد تسعة عشر شهراً من الهجرة على الأرجح.. ولكن القول بأن هذه السورة نزلت بعد سورة البقرة لا يمثل حقيقة نهائية. فسورة البقرة لم تنزل دفعة واحدة ; بل أن منها ما نزل في أوائل العهد بالمدينة، ومنها ما نزل في أواخر هذا العهد. وبين هذه الأوائل وهذه الأواخر نحو تسع سنوات ! ومن المؤكد أن سورة الأنفال نزلت بين هذين الموعدين ; وأن سورة البقرة قبلها وبعدها ظلت مفتوحة ; تنزل الآيات ذوات العدد منها بين هذين الموعدين ; وتضم إليها وفق الأمر النبوي التوقيفي. ولكن المعول عليه في قولهم: إن هذه السورة نزلت بعد هذه السورة، هو نزول أوائل السور. كما ذكرنا ذلك في التعريف بسورة البقرة.
وفي بعض الروايات أن الآيات من ٣٠ إلى غاية ٣٦ من سورة الأنفال مكية.. وهي هذه الآيات:
وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا: قد سمعنا. لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين. وإذ قالوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم. وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون. وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام، وما كانوا أولياءه، إن أولياؤه إلا المتقون، ولكن أكثرهم لايعلمون. وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية، فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون. إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون، والذين كفروا إلى جهنم يحشرون..