"هذه مكايدهم السياسية التي كشفنا لك القناع عن بعضها فيما تقدم. لكنا إذا أنعمنا النظر في المسألة من الوجهة العلمية، ودققنا النظر في الأسباب التي أشكل لأجلها استجلاء حقيقة "الجهاد في سبيل الله"، واستكناه سرها على المسلمين أنفسهم فضلاً عن غير المسلمين، لاح لنا أن مرجع هذا الخطأ إلى أمرين مهمين لم يسبروا غورهما، ولم يدركوا مغزاهما على وجه الحقيقة:
"فالأول: أنهم ظنوا الإسلام نحلة [ ] بالمعنى الذي تطلق عليه كلمة " النحلة " [ ] عامة..
"والثاني: أنهم حسبوا المسلمين أمة [ ] بالمعنى الذي تستعمل فيه هذه الكلمة في عامة الأحوال.
"فالحقيقة أن خطأ القوم في فهم هذين الأمرين المهمين، وعدم استجلائهم لوجه الحق في هاتين المسألتين الأساسيتين هو الذي شوه وجه الحقيقة الناصعة في هذا الشأن، وعاقهم عن إدراك مغزى الجهاد الإسلامي. بل الحق - والحق أحق أن يتبع - أن هذا الخطأ الأسياسي في فهم هاتين المسألتين قد أرخى سدوله على حقيقة الدين الإسلامي بأسره، وقلب الأمر ظهراً لبطن، وجعل موقف المسلمين من العالم ومسائله المتجددة ومشاكله المتشعبة حرجاً ضيقاً، لا يرضاه الإسلام وتعاليمه الخالدة:


الصفحة التالية
Icon