وأقبلوا في تجمل عظيم وحنق زائد على رسول الله ( ﷺ ) وأصحابه، لما يريدون من أخذ عيرهم، وقد أصابوا من قبل عمرو بن الحضرمي والعير التي كانت معه [ في سرية عبد الله بن جحش ].. وأقبل أبو سفيان بالعير ومعها سبعون رجلاً [ في رواية ابن إسحاق ثلاثون رجلاً ] منهم مخرمة بن نوفل، وعمرو ابن العاص، فكانت عيرهم ألف بعير تحمل المال. وقد خافوا خوفاً شديداً حين دنوا من المدينة، واستبطأوا ضمضم بن عمرو والنفير [ الذين نفروا بن قريش ليمنعوا عيرهم ].. فأصبح أبو سفيان ببدر وقد تقدم العير وهو خائف من الرصد. فضرب وجه عيره، فساحل بها [ أي اتجه إلى ساحل البحر بعيداً عن طريق المدينة ] وترك بدراً يساراً، وانطلق سريعاً.. وأقبلت قريش من مكة ينزلون كل منهل. يطعمون الطعام من أتاهم وينحرون الجزر.. وأتاهم قيس بن امرئ القيس من أبي سفيان يأمرهم بالرجوع، ويخبرهم أن قد نجت عيرهم. فلا تجزروا أنفسكم أهل يثرب [ يعني لا تعرضوا أنفسكم لأن يذبحكم أهل يثرب ] فلا حاجة لكم فيما وراء ذلك. إنما خرجتم لتمنعوا العير وأموالكم، وقد نجاها الله ! فعالج قريشاً فأبت الرجوع [ من الجحفة ]. وقال أبو جهل: لا والله لا نرجع حتى نرد بدراً، فنقيم ثلاثاً، ننحر الجزر، ونطعم الطعام، ونشرب الخمر، وتعزف القيان علينا ; فلن تزال العرب تهابنا أبداً.. وعاد قيس إلى أبي سفيان، فأخبره بمضى قريش. فقال: واقوماه ! هذا عمل عمرو بن هشام [ يعني أبا جهل ] كره أن يرجع لأنه ترأس على الناس فبغى، والبغي منقصة وشؤم. إن أصاب محمد النفير ذللنا..