وقال في اليتامى :﴿قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فإخوانكم﴾ [ البقرة : ٢٢٠ ] فدل هذا الجواب المعين على أن ذلك السؤال المعين كان واقعاً عن التصرف في مالهم ومخالطتهم في المواكلة.
وأيضاً قال تعالى :﴿وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الروح﴾ [ الإسراء : ٨٥ ] وليس فيه ما يدل على أن ذلك السؤال عن أي الأحكام إلا أنه تعالى قال في الجواب :﴿قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبّى﴾ فدل هذا الجواب على أن ذلك السؤال كان عن كون الروح محدثاً أو قديماً، فكذا ههنا لما قال في جواب السؤال عن الأنفال :﴿قُلِ الانفال لِلَّهِ والرسول﴾ دل هذا على أنهم سألوه عن الأنفال كيف مصرفها ومن المستحق لها.
والقول الثاني : أن قوله :﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الانفال﴾ أي من الأنفال، والمراد من هذا السؤال : الاستعطاء على ما روي في الخبر، أنهم كانوا يقولون يا رسول الله أعطني كذا أعطني كذا، ولا يبعد إقامة عن مقام من هذا قول عكرمة.
وقرأ عبد الله ﴿يَسْأَلُونَكَ الانفال ﴾.
والبحث الخامس : وهو شرح أقوال المفسرين في المراد بالأنفال.
فنقول : إن الأنفال التي سألوا عنها يقتضي أن يكون قد وقع بينهم التنازع والتنافس فيها، ويدل عليه وجوه : الأول : أن قوله :﴿قُلِ الانفال لِلَّهِ والرسول﴾ يدل على أن المقصود من ذكر منع القوم عن المخاصمة والمنازعة.
وثانيها : قوله :﴿فاتقوا الله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾ يدل على أنهم إنما سألوا عن ذلك بعد أن وقعت الخصومة بينهم.
وثالثها : أن قوله :﴿وَأَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ يدل على ذلك.
إذا عرفت هذا فنقول : يحتمل أن يكون المراد من هذه الأنفال الغنائم، وهي الأموال المأخوذة من الكفار قهراً ؛ ويحتمل أن يكون المراد غيرها.


الصفحة التالية
Icon