أما الأول : ففيه وجوه : أحدها : أنه ﷺ قسم ما غنموه يوم بدر على من حضر وعلى أقوام لم يحضروا أيضاً، وهم ثلاثة من المهاجرين وخمسة من الأنصار، فأما المهاجرون فأحدهم عثمان فإنه عليه السلام تركه على ابنته لأنها كانت مريضة، وطلحة وسعيد بن زيد.
فإنه عليه السلام كان قد بعثهما للتجسس عن خبر العير وخرجا في طريق الشام، وأما الخمسة من الأنصار، فأحدهم أبو لبابة مروان بن عبد المنذر، خلفه النبي ﷺ على المدينة، وعاصم خلفه على العالية، والحرث بن حاطب : رده من الروحاء إلى عمرو بن عوف لشيء بلغه عنه، والحرث بن الصمة أصابته علة بالروحاء، وخوات بن جبير، فهؤلاء لم يحضروا، وضرب النبي ﷺ لهم في تلك الغنائم بسهم، فوقه من غيرهم فيه منازعة.
فنزلت هذه الآية بسببها، وثانيها : روى أن يوم بدر الشبان قتلوا وأسروا والأشياخ وقفوا مع رسول الله ﷺ في المصاف، فقال الشبان : الغنائم لنا لأنا قتلنا وهزمنا، وقال الأشياخ : كنا ردأ لكم ولو انهزمتهم لانحزتم إلينا، فلا تذهبوا بالغنائم دوننا، فوقعت المخاصمة بهذا السبب.
فنزلت الآية.
وثالثها : قال الزجاج : الأنفال الغنائم.
وإنما سألوا عنها لأنها كانت حراماً على من كان قبلهم، وهذا الوجه ضعيف لأن على هذا التقدير يكون المقصود من هذا السؤال طلب حكم الله تعالى فقط، وقد بينا بالدليل أن هذا السؤال كان مسبوقاً بالمنازعة والمخاصمة.


الصفحة التالية
Icon