قال القاضي أبو محمد : وفي بعض طرق هذا الحديث، قال سعد : فقلت لما قال لي ضعه في القبض أني أخاف أن تعطيه من لم يبل بلائي، قال : فإذا رسول الله ﷺ، خلفي، قال فقلت أخاف أن يكون نزلت فيّ شيء، فقال : إن السيف قد صار لي فأعطانيه ونزلت ﴿ يسألونك عن الأنفال ﴾ وأسند الطبري أيضاً عن أبي أسيد مالك بن ربيعة قال : أصبت سيف ابن عائد يوم بدر، وكان يسمى المزربان، فلما أمر رسول الله ﷺ أن يردوا ما في أيديهم من النفل أقبلت به، فألقيته في النفل، وكان رسول الله ﷺ لا يمنع شيئاً يسأله، فرآه الأرقم المخزومي فسأله رسول الله ﷺ فأعطاه إياه.
قال القاضي أبو محمد : فيجيء من مجموع هذه الآثار أن نفوس أهل بدر تنافرت ووقع فيها ما يقع في نفوس البشر من إرادة الأثرة، لا سيما من أبلى، فأنزل الله عز وجل الآية، فرضي المسلمون وسلموا، فأصلح الله ذات بينهم ورد عليه غنائمهم، وقال بعض أهل هذا التأويل عكرمة ومجاهد : كان هذا الحكم من الله لرفع الشغب، ثم نسخ بقوله ﴿ واعلموا أنما غنمتم من شيء ﴾ [ الأنفال : ٤١ ] وقال ابن زيد : لم يقع في الآية نسخ، وإنما أخبر أن الغنائم لله من حيث هي ملكه ورزقه وللرسول من حيث هو مبين بها أحكام الله والصادع بها ليقع التسليم فيها من الناس، وحكم القسمة نازل خلال ذلك، ولا شك في أن الغنائم وغيرها والدنيا بأسرها هي لله وللرسول.
قال القاضي أبو محمد : وقال ابن عباس أيضاً ﴿ الأنفال ﴾ في الآية ما يعطيه الإمام لمن رآه من سيف أو فرس أو نحوه، وهذا أيضاً يحسن مع الآية ومع ما ذكرناه من آثار يوم بدر. وقال علي بن صالح بن جني والحسن فيما حكى المهدوي :﴿ الأنفال ﴾ في الآية ما تجيء به السرايا خاصة.


الصفحة التالية
Icon