وقال الآلوسى :
﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ﴾
﴿ وَمَا جَعَلَهُ الله ﴾ كلام مستأنف لبيان أن المؤثر الحقيقي هو الله تعالى ليثق به المؤمنون ولا يقنطوا من النصر عند فقدان أسبابه، والجعل متعد إلى واحد وهو الضمير العائد إلى المصدر المنسبك في ﴿ أَنّي مُمِدُّكُمْ ﴾ [ الأنفال : ٩ ] على قراءة الفتح والمصدر المفهوم من ذلك على الكسر، واعتبار القول ورجوع الضمير إليه ليس بمعتبر من القول، أي وما جعل إمدادكم بهم لشيء من الأشياء ﴿ إِلاَّ بشرى ﴾ أي بشارة لكم بأنكم تنصرون ﴿ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ ﴾ أي بالإمداد ﴿ قُلُوبكُمُمْ ﴾ وتسكن إليه نفوسكم وتزول عنكم الوسوسة ونصب ﴿ الرياح بُشْرىً ﴾ على أنه مفعول له ولتطمئن معطوف عليه، وأظهرت اللام لفقد شرط النصب، وقيل : للإشارة إلى أصالته في العلية وأهميته في نفسه كما قيل في قوله سبحانه :﴿ والخيل والبغال والحمير لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ﴾ [ النحل : ٨ ].
وقيل : إن الجعل متعد إلى اثنين ثانيهما ﴿ بُشْرىً ﴾ على أنه استثناء من أعم المفاعيل، واللام متعلقة بمحذوف مؤخر أي وما جعله الله تعالى شيئاً من الأشياء إلا بشارة لكم ولتطمئن به قلوبكم فعل ما فعل لا لشيء آخر والأول هو الظاهر، وفي الآية إشعار بأن الملائكة لم يباشروا قتالاً وهو مذهب لبعضهم، ويشعر ظاهرها بأن النبي ﷺ أخبرهم بذلك الإمداد وفي الإخبار ما يؤيده، بل جاء في غير ما خبر أن الصحابة بأوا الملائكة عليهم السلام.