وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يُجَادِلُونَكَ فِي الحق بَعْدَمَا تَبَيَّنَ ﴾
مجادلتهم : قولهم لما ندبهم إلى العِير وفات العِير وأمرهم بالقتال ولم يكن معهم كبير أُهْبَة شقّ ذلك عليهم وقالوا : لو أخبرتنا بالقتال لأخذنا العدّة.
ومعنى "فِي الْحَقِّ" أي في القتال.
"بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ" لهم أنك لا تأمر بشيء إلا بإذن الله.
وقيل : بعد ما تبيّن لهم أن الله وعدهم إما الظَّفَر بالعِير أو بأهل مكة، وإذ فات العير فلا بدّ من أهل مكة والظَّفَر بهم.
فعمنى الكلام الإنكارُ لمجادلتهم.
﴿ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الموت ﴾ كراهة للقاء القوم.
﴿ وَهُمْ يَنظُرُونَ ﴾ أي يعلمون أن ذلك واقع بهم ؛ قال الله تعالى :﴿ يَوْمَ يَنظُرُ المرء مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ﴾ [ النبأ : ٤٠ ] أي يعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
﴿ يجادلونك في الحق ﴾
وذلك أن المؤمنين لما أيقنوا بالقتال كرهوا ذلك وقالوا لم تعلمنا أنَّا نلقى العدو فنستعد لقتالهم وإنما خرجنا لطلب العير فذلك جدالهم ﴿ بعد ما تبين ﴾ يعني تبين لهم أنك لا تصنع شيئاً إلا بأمر ربك وتبين لهم صدقك في الوعد ﴿ كأنما يساقون إلى الموت ﴾ يعني لشدة كراهتهم القتال ﴿ وهم ينظرون ﴾ يعني إلى الموت شبه حالهم في فرط فزعهم بحال من يجر إلى القتل ويساق إلى الموتِ وهو ينظر إليه ويعلم أنه آتيه. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon