وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ﴾
قال أهل التفسير : أقبل أبو سفيان من الشام في عير لقريش، حتى إذا دنا من بدر، نزل جبريل فأخبر النبي ﷺ بذلك، فخرج في جماعة من أصحابه يريدهم، فبلغهم ذلك فبعثوا عمرو ابن ضمضم الغفاري إلى مكة مستغيثاً، فخرجت قريش للمنع عنها، ولحق أبو سفيان بساحل البحر، ففات رسولَ الله، ونزل جبريل بهذه الآية :﴿ وإذ يعدكم الله ﴾ والمعنى : اذكروا إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين.
والطائفتان : أبو سفيان وما معه من المال، وأبو جهل ومن معه من قريش ؛ فلما سبق أبو سفيان بما معه، كتب إلى قريش : إن كنتم خرجتم لتُحرِزوا ركائبكم، فقد أحرزتُها لكم.
فقال أبو جهل : والله لا نرجع.
وسار رسول الله ﷺ يريد القوم، فكره أصحابه ذلك وودُّوا أن لو نالوا الطائفة التي فيها الغنيمة دون القتال ؛ فذلك قوله ﴿ وتَوَدُّونَ أن غير ذات الشوكة ﴾ أي : ذاتِ السلاح.
يقال : فلان شاكي السلاحِ ؛ بالتخفيف، وشاكٌّ في السلاح ؛ بالتشديد، وشائك.
قال أبو عبيدة : ومجاز الشوكة : الحد ؛ يقال : ما أشد شوكةَ بني فلان، أي : حَدَّهم.
وقال الأخفش : إنما أنَّث ﴿ ذات الشوكة ﴾ لأنه يعني الطائفة.
قوله تعالى :﴿ ويريد الله أن يحق الحق ﴾ في المراد بالحق قولان.
أحدهما : أنه الإسلام، قاله ابن عباس في آخرين.
والثاني : أنه القرآن، والمعنى : يُحِق ما أنزل إليك من القرآن.
قوله تعالى :﴿ بكلماته ﴾ أي : بِعداتِه التي سبقت من إعزاز الدين، كقوله :﴿ ليظهره على الدين كله ﴾ [ التوبة : ٣٣ ].
قوله تعالى :﴿ ويقطع دابر الكافرين ﴾ أي : يجتث أصلهم ؛ وقد بَيَّنَّا ذلك في [ الأنعام : ٤٥ ]. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾