فقال النبيّ ﷺ يحيه الله ثمّ يميتك ثمّ يدخلك النار فلمّا كان يوم بدر أسره ثمّ فدي، فلمّا افتدي قال لرسول الله ﷺ إن لي فرساً أعلفها كل يوم [ فرق ] ذرة لكي أقتلك عليها، فقال رسول الله ﷺ بل أنا أقتلك إن شاء الله، فلمّا كان يوم أُحُد أقبل أُبيّ بن خلف يركض بفرسه ذلك حتّى دنا من رسول الله ﷺ فاعترض له رجال من المسلمين ليقتلوه، فقال لهم رسول الله ﷺ " استاخروا "، فاستأخروا فقام رسول الله ﷺ بحربة في يده فرمى بها أُبي بن خلف فكسرت الحربة ضلعاً من أضلاعه فرجع أبي إلى أصحابه ثقيلا فاحتملوه وطفقوا يقولون : لا بأس، فقال أُبي : والله لو كانت الناس لقتلهم، ألم يقل إني أقتلك إن شاء الله، فانطلق به أصحابه ينعونه حتّى مات ببعض الطريق فدفنوه "
ففي ذلك أنزل الله هذه الآية ﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكن الله رمى ﴾ الآية.
وروى صفوان بن عمرو عن عبد العزيز بن [ جبير ] " أنّ رسول الله ﷺ يوم خيبر دعا بقوس فأُتي بقوس طويلة فقال : جيئوني بغيرها، فجاءوا بقوس كبداء فرمى النبيّ ﷺ الحصن فأقبل السهم يهوي حتّى قتل كنانة بن أبي الحقيق وهو على فراشه فأنزل الله تعالى :﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ﴾ " فهذا سبب نزول الآية.
فأمّا معناها فإن الله تعالى أضاف القتل والرمي إلى نفسه لأنّه كان منه تعالى التسبيب والتسديد ومن رسوله والمؤمنين الضرب والحذف. وكذلك سائر أفعال الخلق المكتسبة من الله تعالى الإنشاء والايجاد بالقدرة القديمة التامّة ومن الخلق الاكتساب بالقوى المحدثة، وفي هذا القول دليل على ثبوت مذهب أهل الحق وبطلان قول القدريّة.
وقيل : إنّما أضافها إلى نفسه لئلاّ يعجب القوم.
قال مجاهد : قال هذا : قتلت، وقال هذا : قتلت، فأنزل الله هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon