( الوكت سواد يكون في البُسْر إذا قارب أن يصير رُطَباً، والمَجْل غِلَظ الجلد من أثر العمل والخدمة، ونَفِط تَقَرَّح ومُنْتَبِراً منتفخاً )، وقد جعلها النبي ﷺ من الإيمان إذ قال في آخر الأخبار عنها وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، وحسبك من رفع شأن الأمانة : أن كان صاحبها حقيقاً بولاية أمر المسلمين لأن ولاية أمر المسلمين، أمانة لهم ونصح، ولذلك قال عمر بن الخطاب حين أوصى بأن يكون الأمر شورى بين ستة "ولو كان أبو عبيدة بن الجراح حياً لعهدت إليه لقول رسول الله ﷺ له إنه أمين هذه الأمة".
وقوله :﴿ وتخونوا ﴾ عطف على قوله :﴿ لا تخونوا ﴾ فهو في حَيز النهي، والتقدير : ولا تخونوا أماناتكم، وإنما أعيد فعل ﴿ تخونوا ﴾ ولم يُكتف بحرف العَطف، الصالح للنيابة عن العامل في المعطوف، للتنبيه على نوع آخر من الخيانة فإن خيانتهم الله ورسوله نقضُ الوفاءِ لهما بالطاعة والامتثال، وخيانة الأمانة نقض الوفاء بأداء ما ائتمنوا عليه.
وجملة ﴿ وأنتم تعلمون ﴾ في موضع الحال من ضمير ﴿ تَخونوا ﴾ الأول والثاني، وهي حال كاشفة والمقصود منها تشديد النهي، أو تشنيع المنهي عنه لأن النهي عن القبيح في حال معرفة المنهي أنه قبيح يكون أشد، ولأن القبيح في حال علم فاعله بقبحه يكون أشنَعَ، فالحال هنا بمنزلة الصفة الكاشفة في قوله تعالى :﴿ ومَن يَدْعُ مع الله إلهاً آخر لا بُرهان له به فإنما حِسابُه عند ربه ﴾ [ المؤمنون : ١١٧ ] وقوله ﴿ فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون ﴾ [ البقرة : ٢٢ ] وليس المراد تقييد النهي عن الخيانة بحالة العلم بها، لأن ذلك قليل الجدوى، فإن كل تكليف مشروط بالعلم وكون الخيانة قبيحة أمر معلوم.