وقال القرطبى :
﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢٥) ﴾
فيه مسألتان :
الأولى : قال ابن عباس : أمر الله المؤمنين ألا يُقِرّوا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب.
وكذلك تأوّل فيها الزبير بن العوّام فإنه قال يوم الجمل، وكان سنة ست وثلاثين : ما علمت أنا أُرِدنا بهذه الآية إلا اليوم، وما كنت أظنها إلا فيمن خوطب ذلك الوقت.
وكذلك تأوّل الحسن البصري والسّدي وغيرهما.
قال السّدي : نزلت الآية في أهل بدر خاصة : فأصابتهم الفتنة يوم الجمل فاقتتلوا.
وقال ابن عباس رضي الله عنه ؛ نزلت هذه الآية في أصحاب رسول الله ﷺ : وقال : أمر الله المؤمنين ألا يقِرّوا المنكر فيما بينهم فيعمهم الله بالعذاب.
وعن حُذيفة بن الَيَمان قال قال رسول الله ﷺ :" يكون بين ناس من أصحابي فتنة يغفرها الله لهم بصحبتهم إياي يستنّ بهم فيها ناس بعدهم يدخلهم الله بها النار ".
قلت : وهذه التأويلات هي التي تعضدها الأحاديث الصحيحة ؛ ففي صحيح مسلم " عن زينب بنت جحش أنها سألت رسول الله ﷺ فقالت له : يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون قال :"نعم إذا كثر الخبث" " وفي صحيح الترمذي :" إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده " وقد تقدّمت هذه الأحاديث.