وقال ابن العربى :
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِك الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوك أَوْ يَقْتُلُوك أَوْ يُخْرِجُوك وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاَللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ.
وَسَبَبَ نُزُولِهَا، وَالْمُرَادَ بِهَا مَا رُوِيَ أَنَّ قُرَيْشًا اجْتَمَعَتْ فِي دَارِ النَّدْوَةِ وَقَالَتْ : إنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ قَدْ طَالَ عَلَيْنَا، فَمَاذَا تَرَوْنَ ؟ فَأَخَذُوا فِي كُلِّ جَانِبٍ مِنْ الْقَوْلِ، فَقَالَ قَائِلٌ : نَرَى أَنْ يُقَيَّدَ وَيُحْبَسَ.
وَقَالَ آخَرُ : نَرَى أَنْ يُنْفَى وَيُخْرَجَ.
وَقَالَ آخَرُ : نَرَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ سَيْفًا فَيَضْرِبُونَهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، فَلَا يَقْدِرُ بَنُو هَاشِمٍ عَلَى مُطَالَبَةِ الْقَبَائِلِ.
وَكَانَ الْقَائِلُ هَذَا أَبَا جَهْلٍ.
فَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَجَاءَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ، وَأَذِنَ لَهُ فِي الْخُرُوجِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بِأَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَيَتَسَجَّى بِبُرْدِهِ الْحَضْرَمِيِّ.


الصفحة التالية
Icon