فصل


قال الفخر :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ﴾
اعلم أنه تعالى لما ذكر أنه رزقهم من الطيبات، فههنا منعهم من الخيانة، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
اختلفوا في المراد بتلك الخيانة على أقوال : الأول : قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في أبي لبابة حين بعثه رسول الله ﷺ إلى قريظة لما حاصرهم، وكان أهله وولد فيهم.
فقالوا يا أبا لبابة ما ترى لنا أننزل على حكم سعد بن معاد فينا ؟ فأشار أبو لبابة إلى حلقه، أي أنه الذبح فلا تفعلوا، فكان ذلك منه خيانة لله ورسوله.
الثاني : قال السدي : كانوا يسمعون الشيء من النبي ﷺ، فيشقونه ويلقونه إلى المشركين، فنهاهم الله عن ذلك.
الثالث : قال ابن زيد : نهاهم الله أن يخونوا كما صنع المنافقون، يظهرون الإيمان ويسرون الكفر.
الرابع : عن جابر بن عبد الله : أن أبا سفيان خرج من مكة، فعلم النبي ﷺ خروجه وعزم على الذهاب إليه، فكتب إليه رجل من المنافقين أن محمداً يريدكم فخذوا حذركم، فأنزل الله هذه الآية.
الخامس : قال الزهري والكلبي : نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى أهل مكة لما هم النبي ﷺ بالخروج إليها، حكاه الأصم.
والسادس : قال القاضي : الأقرب أن خيانة الله غير خيانة رسوله، وخيانة الرسول غير خيانة الأمانة، لأن العطف يقتضي المغايرة.


الصفحة التالية
Icon