وقال بعضهم : هذا الاستغفار راجع الى المشركين : وما كان الله ليعذب هؤلاء المشركين ما دمتَ فيهم وما داموا يستغفرون. وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت ويقولون لبيك لبيك لا شريك لك إلاّ شريك هو لك بملكه لو ما ملك، ويقولون غفرانك غفرانك. هذه رواية أبي زميل عن ابن عباس.
وروى ابن معشر عن يزيد بن روحان ومحمد بن قيس قالا : قالت قريش بعضها لبعض : محمد أكرمه الله من بيننا ﴿ اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء ﴾. الآية فلمّا أمسوا ندموا على ما قالوا، فقالوا : غفرانك اللهم. فأنزل الله عزّ وجلّ ﴿ وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾.
وقال أبو موسى الأشعري : إنّه كان فيكم أماناً لقوله تعالى ﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾.
وأمّا النبيّ ﷺ فقد مضى وأمّا الاستغفار فهو كائن إلى يوم القيامة.
وقال قتادة [ وابن عباس ] وابن يزيد معنى :﴿ وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ : أن لو استغفروا، يقول إن القوم لو كانوا يستغفرون لما عذبوا ولكنهم لم يكونوا استغفروا ولو استغفروا فأقروا بالذنوب لكانوا مؤمنين.
وقال مجاهد وعكرمة :( وهم يستغفرون ) أي يسلمون، يقول : لو أسلموا لمّا عُذّبوا.
وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس ( وهم يستغفرون ) أي وفيهم من سبق له من الله الدخول في الإيمان.
وروى عن ابن عباس ومجاهد والضحاك : وهم يستغفرون أي يصلّون. وقال الحسن : هذه الآية منسوخة بالآية التي تلتها :﴿ وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ الله ﴾ إلى قوله :﴿ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ فقاتلوا بمكّة فأصابوا فيها الجوع والخير.
وروى عبد الوهاب عن مجاهد ( وهم يستغفرون ) أي في [ أصلابهم ] من يستغفره. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾