وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِم ﴾
يحتمل وجهين :
أحدهما : أنه قال ذلك إكراماً لنبيه وتعظيماً لقدره أن يعذب قوماً هو بينهم. تعظيماً لحرمته.
والثاني : إرساله فيهم رحمة لهم ونعمة عليهم فلم يجز أن يعذبهم وهو فيهم حتى يستحقوا سلب النعمة بإخراجه عنهم.
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ فيه خمسة أقاويل :
أحدها : وما كان الله ليعذب مشركي أهل مكة وقد بقي فيهم من المسلمين قوم يستغفرون وهذا قول الضحاك وأبي مالك وعطية.
والثاني : لا يعذبهم في الدنيا وهم يستغفرون فيها فيقولون : غفرانك.
قال ابن عباس : كان المشركون بمكة يطوفون بالبيت ويقولون : لبيك لبيك لا شريك لك، فيقول النبي ﷺ :" قَدْ قَدْ " فيقولون : إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك، ويقولون غفرانك، فأنزل الله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ قاله أبو موسى ويزيد بن رومان ومحمد بن قيس.
والثالث : أن الاستغفار في هذا الموضع الإسلام، ومعنى الكلام : وما كان الله معذبهم وهم يسلمون، قاله عكرمة ومجاهد.
والرابع : وما كان الله معذب من قد سبق له من الله الدخول في الإسلام، قاله ابن عباس.
والخامس : معناه أنهم لو استغفروا لم يعذبوا استدعاء لهم إلى الاستغفار، قاله قتادة والسدي وابن زيد.
والسادس : وما كان الله معذبهم أي مهلكهم وقد علم أن لهم أولاد وذرية يؤمنون ويستغفرون. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾