قال القاضي أبو محمد : ويدفع في صدر هذا القول أن المؤمنين الذين رد الضمير عليهم لم يجر لهم ذكر، وقال ابن عباس أيضاً ما مقتضاه : أن يقال الضميران عائدان على الكفار، وذلك أنهم كانوا يقولون في دعائهم غفرانك، ويقولون لبيك لا شريك لك، ونحو هذا مما هو دعاء واستغفار، فجعله الله أمنة من عذاب الدنيا، وعلى هذا تركب قول أبي موسى الأشعري وابن عباس إن الله جعل من عذاب الدنيا أمنتين، كون الرسول ﷺ مع الناس والاستغفار، فارتفعت الواحدة وبقي الاستغفار إلى يوم القيامة، وقال قتادة : الضمير للكفار، وقوله ﴿ وهم يستغفرون ﴾، جملة في موضع الحال أن لو كانت، فالمعنى وما كان الله معذبهم وهو بحال توبة واستغفار من كفرهم لو وقع ذلك منهم، واختاره الطبري، ثم حسن الزجر والتوقيف بعد هذا بقوله ﴿ وما لهم ألا يعذبهم الله ﴾ وقال الزجّاج ما معناه، إن الضمير في قوله ﴿ وهم ﴾ عائد على الكفار.
والمراد به سبق له في علم الله أن يسلم ويستغفر، فالمعنى : وما كان الله ليعذب الكفار وفيهم من يستغفر ويؤمن في ثاني حال، وحكاه الطبري عن ابن عباس.
وقال مجاهد في كتاب الزهراوي : المراد بقوله ﴿ وهم يستغفرون ﴾ ذرية المشركين يومئذ الذين سبق لهم في علم الله أن يكونوا مؤمنين، فالمعنى : وما كان الله ليعذبهم وذريتهم يستغفرون ويؤمنون، فنسب الاستغفار إليهم، إذ ذريتهم منهم، وذكره مكي ولم ينسبه، وفي الطبري عن فرقة أن معنى ﴿ يستغفرون ﴾ يصلون، وعن أخرى يسلمون ونحو هذا من الأقوال التي تتقارب مع قول قتادة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾