وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ ﴾
هذه الآية أجازت تعذيبهم، والأُولى نفت ذلك، وهل المراد بهذا : العذابُ الاولُ، أم لا؟ فيه قولان.
أحدهما : أنه هو الأول، إلا أن الأول امتنع بشيئين.
أحدهما : كون النبي ﷺ فيهم.
والثاني : كون المؤمنين المستغفرين بينهم، فلما وقع التمييز بالهجرة، وقع العذاب بالباقين يوم بدر، وقيل : بل وقع بفتح مكة.
والثاني : أنهما مختلفان، وفي ذلك قولان.
أحدهما : أن العذاب الثاني : قَتْلُ بعضِهم يوم بدر، والأول : استئصال الكُلِّ، فلم يقع الأول لِما قد عُلم من إيمان بعضهم، وإسلام بعضِ ذراريهم، ووقع الثاني.
والثاني : أن العذاب الأول : عذاب الدنيا.
والثاني : عذاب الآخرة، قاله ابن عباس، فيكون المعنى : وما كان اللهُ معذِّبَ المشركين لاستغفارهم في الدنيا، وما لهم ألا يعذبهم الله في الآخرة.
قوله تعالى :﴿ وهم يصدون ﴾ قال الزجاج : المعنى : وهم يصدون ﴿ عن المسجد الحرام ﴾ أولياءَه.
وفي هاء الكناية في قوله :﴿ وما كانوا أولياءَه ﴾ قولان.
أحدهما : أنها ترجع إلى "المسجد"، وهو قول الجمهور.
قال الحسن : إن المشركين قالوا : نحن أولياء المسجد الحرام، فرد الله عليهم بهذا.
والثاني : أنها تعود إلى الله عز وجل، ذكره أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى :﴿ إنْ أولياؤُه ﴾ أي : ما أولياؤه ﴿ إلاَّ المتقون ﴾ للشرك والمعاصي، ولكنَّ أكثر أهل مكة لا يعلمون من الأولى ببيت الله. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾