والبيهقي في شعيب الايمان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : كان فيكم إمامان مضى أحدهما وبقي الآخر وتلا ﴿ وَمَا كَانَ الله لِيُعَذّبَهُمْ ﴾ [ الأنفال : ٣٣ ] الخ.
وجاء مثل ذلك عن ابن عباس.
وأبي موسى الأشعري، وأخرج أبو داود.
والترمذي في الشمال.
والنسائي.
عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال :"انكسفت الشمس على عهد رسول الله ﷺ فقام عليه الصلاة والسلام فلم يكد يركع ثم ركع فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك ثم نفخ في آخر سجوده ثم قال : رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم؟ رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون؟ ونحن نستغفرك ففرغ رسول الله ﷺ من صلاته وقد انحصت الشمس" وذهب الجبائي إلى أن المنفي فيما مر عذاب الدنيا وهذا العذاب عذاب الآخرة أي أنه يعذبهم في الآخرة لا محالة وهو خلاف سياق الآية، ﴿ وَمَا ﴾ على ما عليه الجمهور وهو الظاهر استفهامية، وقيل : إنها نافية أي ليس ينفي عنهم العذاب مع تلبسهم بالصد عن المسجد الحرام ﴿ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ ﴾ أي وما كانوا مستحقين ولاية المسجد الحرام مع شركهم، والجملة في موضع الحال من ضمير يصدون مبينة لكمال قبح ما صنعوا من الصدفان مباشرتهم للصد عنه مع عدم استحقاقهم لولاية أمره في غاية القبح، وهذا رد لما كانوا يقولون : نحن ولاة البيت والحرم فنصد من نشاء وندخل من نشاء ﴿ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ ﴾ أي ما أولياء المسجد الحرام ﴿ إِلاَّ المتقون ﴾ من الشرك الذي لا يعبدون فيه غيره تعالى، والمراد بهم المسلمون وهذه المرتبة الأولى من التقوى، وما أشرنا إليه من رجوع الضميرين إلى المسجد هو المتبادر المروي عن أبي جعفر.


الصفحة التالية
Icon