فصل فى التفسير الإشارى فى الآيات السابقة
قال العلامة نظام الدين النيسابورى :
التأويل : قالوا قد سمعنا وما سمعوا في الحقيقة وإلا لم يقولوا لو نشاء لقلنا فإن كلام المخلوق لن يكون مثل كلام الله. ثم انظر كيف استخرج الله منهم عقيب دعواهم ﴿ لقلنا مثل هذا ﴾ قولهم ﴿ اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر ﴾ ليعلم أن من هذا حاله كيف يكون مثل القرآن مقاله، ولو كان لهم عقل لقالوا إن كان هذا حقاً فاهدنا له ومتعنا به وبأنواره وأسراره ﴿ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ﴾ لأنه رحمة للعالمين والرحمة تنافي العذاب ﴿ إن أولياؤه إلا المتقون ﴾، ﴿ ولكن أكثرهم ﴾ يعني أكثر المتقين أو ﴿ لا يعلمون ﴾ أنهم أولياؤه لأن الولي قد لا يعرف أنه ولي ﴿ إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ﴾ كذلك دأب كفار النفوس ينفقون أموال الاستعداد الفطري في غير طلب الله وإنما تصرفها في استيفاء اللذات والشهوات فستندم حين لا ينفع الندم ﴿ ثم يغلبون ﴾ لا يظفرون بمشتهيات النفس كلها ولأجلها، والذين كفروا من الأرواح والقلوب التابعة والنفوس ﴿ إلى جهنم ﴾ البعد والقطعية ﴿ يحشرون ﴾، ﴿ ليميز الله ﴾ الأرواح والقلوب الخبيثة من الطيبة التي لا تركن إلى الدنيا ولا تنخدع بانخداع النفوس ﴿ فيركمه جميعاً ﴾ فيجعل الأرواح الخبيثة فوق النفوس الخبيثة فيلقي الجميع في جهنم القطيعة ﴿ قل للذين كفروا ﴾ من الأرواح والقلوب أي ستروا النور الروحاني بظلمات صفات النفس ﴿ إن ينتهوا ﴾ عن اتباع الهوى ﴿ يغفر لهم ﴾ يستر لهم تلك الظلمات بنور الفرقان والرشاد. ﴿ وقاتلوا ﴾ كفار النفوس ﴿ حتى لا تكون ﴾ آفة مانعة عن الوصول ﴿ ويكون الدين كله لله ﴾ ببذل الوجود وفقد الموجود لنيل الوجود وكرامة الشهود والله تعالى أعلم. أ هـ ﴿غرائب القرآن حـ ٣ صـ ٣٩٨ ـ ٣٩٩﴾