وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ﴾ الآية
أمر من الله عز وجل فرض به على المؤمنين أن يقاتلوا الكفار، و" الفتنة " قال ابن عباس وغيره معناها الشرك، وقال ابن إسحاق : معناها حتى لا يفتن أحد عن دينه كما كانت قريش تفعل بمكة بمن أسلم كبلال وغيره، وهو مقتضى قول عروة بن الزبير في جوابه لعبد الملك بن مروان حين سأله عن خروج رسول الله ﷺ من مكة مهاجراً، وقوله ﴿ ويكون الدين كله لله ﴾ أي لا يشرك معه صنم ولا وثن ولا يعبد غيره، وقال قتادة حتى تستوسق كلمة الإخلاص لا إله إلا الله.
قال القاضي أبو محمد : وهذه المعاني تتلازم كلها، وقال الحسن : حتى لا يكون بلاء، وهذا يلزم عليه القتال في فتن المسلمين الفئة الباغية، على سائر ما ذكرناه من الأقوال يكون المعتزل في فسحة، وعلى هذا جاء قول عبد الله بن عمر رضي الله عنه أما نحن فقد قاتلنا حتى لم تكن فتنة، وأما أنت وأصحابك فتزيدون أن نقاتل حتى تكون فتنة.
قال القاضي أبو محمد : فمذهب عمر أن " الفتنة " الشرك في هذه الآية وهو الظاهر، وفسر هذه الآية قول النبي ﷺ :" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله "، ومن قال المعنى حتى لا يكون شرك فالآية عنده يريد بها الخصوص فيمن لا يقبل منه جزية، قال ابن سلام : وهي في مشركي العرب، ثم قال الله تعالى :﴿ فإن انتهوا ﴾ أي عن الكفر فإن الله بصير بعملهم مجاز عليه، عنده ثوابه وجميل المعاوضة عليه وقرأ يعقوب بن إسحاق وسلام بن سليمان " بما تعملون " بالتاء أي في قتالكم وجدكم وجلادكم عن دينه. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾