وقوله :﴿ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ﴾ اختلف المفسرون هاهنا، فقال بعضهم : لله نصيب من الخمس يجعل في الكعبة.
قال أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية الرِّيَاحي قال : كان رسول الله ﷺ يؤتى بالغنيمة فيقسمها على خمسة، تكون أربعة أخماس لمن شهدها، ثم يأخذ الخمس فيضرب بيده فيه، فيأخذ منه الذي قبض كفه، فيجعله للكعبة وهو سهم الله. ثم يقسم ما بقي على خمسة أسهم، فيكون سهم للرسول، وسهم لذوي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل
وقال آخرون : ذكر الله هاهنا استفتاح كلام للتبرك، وسهم لرسوله عليه السلام
قال الضحاك، عن ابن عباس، رضي الله عنهما : كان رسول الله ﷺ إذا بعث سَرِيَّة فغنموا، خَمَّس الغنيمة، فضرب ذلك الخمس في خمسة. ثم قرأ :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ﴾ [قال : وقوله] ﴿ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ﴾ مفتاح كلام، لله ما في السموات وما في الأرض، فجعل سهم الله وسهم الرسول واحدًا.
وهكذا قال إبراهيم النَّخَعي، والحسن بن محمد ابن الحنفية. والحسن البصري، والشعبي، وعَطاء بن أبي رباح، وعبد الله بن بريدة وقتادة، ومغيرة، وغير واحد : أن سهم الله ورسوله واحد.
ويؤيد هذا ما رواه الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي بإسناد صحيح، عن عبد الله بن شقيق، عن رجل من بلقين قال : أتيت رسول الله ﷺ وهو بوادي القُرى، وهو يعرض فرسًا، فقلت : يا رسول الله، ما تقول في الغنيمة ؟ فقال :"لله خمسها، وأربعة أخماس للجيش". قلت : فما أحد أولى به من أحد ؟ قال :" لا ولا السهم تستخرجه من جنبك، ليس أنت أحق به من أخيك المسلم" (١)

(١) السنن الكبرى (٦/٣٢٤).


الصفحة التالية
Icon