السادسة : ذهب الجمهور إليه أن ذكر الله تعالى في قوله :﴿ فَأَنَّ للّه ﴾ للتعظيم، أي : تعظيم الرسول، كما في قوله تعالى :﴿ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه ﴾، أو لبيان أنه لابد في الخمسة من إخلاصها لله تعالى، وأن المراد قسمة الخمس على المعطوفين عليه، وتمسك بعضهم بظاهر ذلك، فأوجب سهماً سادساً لله تعالى، يصرف في وجوه الخير، أو يؤخذ للكعبة قال : لأن كلام الحكيم لا يُعرّى عن الفائدة، ولأنه ثبت اختصاصه في آية الصدقات في قوله تعالى :﴿ وَفِي سَبِيلِ اللَّه ﴾، فكذا هنا.
وهذا مروي عن أبي العالية، والربيع والقاسم وأسباطه ويؤيد ما للجمهور، ما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن عبد الله بن شقيق عن رجل قال : أتيت النبي ﷺ، وهو بوادي القرى، وهو معترض فرساً، فقلت : يا رسول الله ! ما تقول في الغنيمة ؟ فقال :< لله خمسها وأربعة أخماسها للجيش >. قلت : فما أحد أولى به من أحد ؟ قال، < لا، ولا السهم تستخرجه من جيبك، ليس أنت أحق به من أخيك المسلم >. ومن لطائف الحسن أنه أوصى بالخمس من ماله وقال : ألا
أرضى من مالي بما رضي الله لنفسه ؟
السابعة : خمس النبي ﷺ الذي جعله الله له، كان أمره في حياته مفوضاً إليه، يتصرف فيه بما شاء، ويرده في أمته كيف شاء.
روى الإمام أحمد أن أبا الدرداء قال لعبادة بن الصامت : يا عبادة ! كلمات رسول الله ﷺ في غزوة كذا وكذا في شأن الأخماس ؟ فقال عبادة : إن رسول الله ﷺ صلى بهم في غزوهم إلى بعير من المقسم، فلما سلم قام رسول الله ﷺ، فتناول وبرة بين أنملتيه فقال :< إن هذا من غنائمكم، وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخيط والمخيط، وأكبر من ذلك وأصغر، ولا تغلوا فإن الغلول نار وعار على أصحابه في


الصفحة التالية
Icon