وَقَالَ فِي فَتْحِ الْبَيَانِ : وَأَمَّا مَعْنَى الْغَنِيمَةِ فِي الشَّرْعِ فَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ الِاتِّفَاقَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ : أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ مَالُ الْكُفَّارِ إِذَا ظَفِرَ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وَجْهِ الْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ. قَالَ : وَلَا يَقْتَضِي فِي اللُّغَةِ هَذَا التَّخْصِيصَ، وَلَكِنْ عَرَّفَ الشَّرْعُ قَيْدَ هَذَا اللَّفْظِ بِهَذَا النَّوْعِ. وَقَدِ ادَّعَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ : يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ (٨ : ١) حِينَ تَشَاجَرَ أَهْلُ بَدْرٍ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ وَقِيلَ : إِنَّهَا - يَعْنِي آيَةَ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، وَأَنَّ الْغَنِيمَةَ لِرَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَيْسَتْ مَقْسُومَةً بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَكَذَلِكَ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ. حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ قَالُوا : وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهُمْ. وَاحْتَجُّوا بِفَتْحِ مَكَّةَ وَقِصَّةِ حُنَيْنٍ. وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَقُولُ : افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ مَكَّةَ عَنْوَةً وَمَنَّ عَلَى أَهْلِهَا فَرَدَّهَا عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَقْسِمْهَا وَلَمْ يَجْعَلْهَا فَيْئًا.


الصفحة التالية
Icon