" ثُمَّ الْغَنِيمَةُ إِنَّمَا تَحْصُلُ بِمُعَانَاةٍ وَإِيجَافِ خَيْلٍ وَرِكَابٍ، فَلَا تَطِيبُ قُلُوبُهُمْ إِلَّا بِأَنْ يُعْطَوْا مِنْهَا، وَالنَّوَامِيسُ الْكُلِّيَّةُ الْمَضْرُوبَةُ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ النَّظَرِ إِلَى حَالِ عَامَّةِ النَّاسِ، وَمِنْ ضَمِّ الرَّغْبَةِ الطَّبِيعِيَّةِ إِلَى الرَّغْبَةِ الْعَقْلِيَّةِ، وَلَا يَرْغَبُونَ إِلَّا بِأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَا يَجِدُونَهُ بِالْقِتَالِ، فَلِذَلِكَ كَانَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْغَانِمِينَ. وَالْفَيْءُ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالرُّعْبِ دُونَ مُبَاشَرَةِ الْقِتَالِ، فَلَا يَجِبُ أَنْ يُصْرَفَ عَلَى نَاسٍ مَخْصُوصِينَ، فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَدَّمَ فِيهِ الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ. وَالْأَصْلُ فِي الْخُمُسِ أَنَّهُ كَانَ الْمِرْبَاعُ عَادَةً مُسْتَمِرَّةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَأْخُذُهُ رَئِيسُ الْقَوْمِ وَعَصَبَتُهُ، فَتَمَكَّنَ ذَلِكَ فِي عُلُومِهِمْ، وَمَا كَادُوا يَجِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِنْهُ وَفِيهِ قَالَ الْقَائِلُ :
وَإِنَّ لَنَا الْمِرْبَاعَ مِنْ كُلِّ غَارَةٍ | تَكُونُ بِنَجْدٍ أَوْ بِأَرْضِ التَّهَائِمِ |