قال القاضي أبو محمد : وهذا نيل واضح، وإيضاحة أن المقصد من الآية نعمة الله وقدرته في قصة بدر وتيسيره ما يسر من ذلك، فالمعنى إذ هيأ الله لكم هذه الجمال ولو تواعدتم لها لاختلفتم إلا مع تيسير الذي تمم ذلك، وهذا كما تقول لصاحبك في أمر سناه الله دون تعب كثير : ولو بنينا على هذا وسعينا فيه لم يتم هكذا، ثم بين تعالى أن ذلك إنما كان بلطف الله عز وجل ﴿ ليقضي أمراً ﴾ أي لينفذ ويظهر أمراً قد قدره في الأول ﴿ مفعولاً ﴾ لكم بشرط وجودكم في وقت وجودكم، وذلك كله معدوم عنده، وقوله تعالى :﴿ ليهلك من هلك عن بينة ﴾ الآية، قال الطبري : المعنى ليقتل من قتل من كفار قريش وغيرهم ببيان من الله وإعذار بالرسالة، ﴿ ويحي ﴾ أيضاً ويعيش من عاش عن بيان منه أيضاً وإعذار لا حجة لأحد عليه فالهلاك والحياة على هذا التأويل حقيقتان وقال ابن إسحاق وغيره : معنى ﴿ ليهلك ﴾ أي ليكفر ﴿ ويحيى ﴾ أي ليؤمن فالحياة والهلاك على هذا مستعارتان والمعنى أن الله تعالى جعل قصة بدر عبرة وآية ليؤمن من آمن عن وضوح وبيان ويكفر أيضاً من كفر عن مثل ذلك، وقرأ الناس " ليهلِك " بكسر اللام الثانية وقرأ الأعمش " ليهلَك " بفتح اللام، ورواها عصمة عن أبي بكر عن عاصم، و" البينة " صفة أي عن قضية بينة، واللام الأولى في قوله ﴿ ليهلك ﴾ رد على اللام في قوله ﴿ ليقضي ﴾.


الصفحة التالية
Icon