ولما ذكر نفس الخروج وما فيه من الفساد وذكر ثمرته الخبيثة الناشئة عن ذينك الخلقين، وعبر عنهما بالاسم إشارة إلى الثبات كما هو شأن الأخلاق، وعن الثمرة بالمضارع تنبيهاً على أنهم لا يزالون يجددونها فقال :﴿ويصدون﴾ أي يوجدون الصد وهو المنع لأنفسهم وغيرهم ﴿عن سبيل الله﴾ أي الملك الأعظم في ذلك الوجه وهم عازمون على تجديد ذلك في كل وقت، فلما كانت هذه مقاصدهم كان نسجهم هلهلاً وبنيانهم واهياً، فإنها من عمل الشيطان، وكل عمل لا يكون لله إذا صدم بما هو لله اضمحل، بذلك سبحانه أجرى سنته ولن تجد لسنته تحويلاً، فإن العاملين عبيد الله ﴿والله﴾ أي فعلوا ذلك والحال أن المحيط بكل شيء الذي عادوا أولياءه ﴿بما﴾ أو يكون ذلك معطوفاً على تقديره : فأبطل الله بجلاله وعظمته أعمالهم وهو بكل ما ﴿يعملون محيط﴾ فهم في قبضته، فأوردهم - إذ خرجوا يحادونه - بدراً فنحر مكان الجزور رقابهم وسقاهم مكان الخمور كؤوس المنايا، وأصاح عليهم مكان القيان صوائح النوائح، ولعله قدم الجار إشارة إلى أنه لشدة إحاطته بأعمالهم كأنه لا نظر له إلى غيرها فلا شاغل له عنها. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٢٢٥ ـ ٢٢٦﴾