وقال السمرقندى :
﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كالذين خَرَجُواْ ﴾
معناه قاتلوا لوجه الله تعالى، ولا تقاتلوا رياءً وسمعةً ولا تكونوا يا أصحاب النبي عليه السلام كالذين خرجوا ﴿ مِن ديارهم ﴾ وهم أهل مكة ﴿ بَطَراً ﴾ يعني أشراً.
وأصله الطغيان في النعمة.
﴿ وَرِئَاء الناس ﴾، يعني لكي يذكْروا بمسيرهم، ويقولوا : تسامع الناس بمسيرنا.
وقال محمد بن إسحاق : خرجت قريش وهم تسعمائة وخمسون مقاتلاً، ومعهم مائتا فرس يقودونها، وخرجوا ومعهم القينات يضربون بالدفوف ويغنون بهجاء المسلمين.
ثم قال :﴿ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾، يعني يصرفون الناس عن دين الإسلام.
﴿ والله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾، يعني عالم بهم وبأعمالهم. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾
وقال الثعلبى :
﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كالذين خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً ﴾
فخرا وأشَرِاً ﴿ وَرِئَآءَ الناس وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ معطوف على قوله :[ بطراً ورئاء الناس ] ومعناه ينظرون ويرون، إذ لا يعطف مستقبل على ماض، ﴿ والله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ وهؤلاء أهل مكّة خرجوا يوم بدر ولهم بغيٌ وفخر فقال رسول الله ﷺ :" اللّهمّ إن قريشاً أقبلت بفخرها وخيلائها ليحادك ورسولك ".
قال ابن عباس : لمّا رأى أبو سفيان أنّه أحرز عيره أرسل إلى قريش أنّكم خرجتم لتمنعوا عليكم فقد نجاها الله فارجعوا فوافى الركب الذي فيه أبو سفيان ليأمروا قريشاً بالرجعة إلى مكّة فقال لهم : انصرفوا، فقال أبو جهل : والله لا ننصرف حتّى نرد بدراً وكان بدر موسماً من مواسم العرب يجتمع لهم بها سوق كل عام فنقيم بها ثلاثاً وننحر الجزر ونطعِم الطعام ونسقي الخمور ونعزف عليها القيان وتسمع بها العرب. فلا يزالون يهابوننا أبداً فوافوها فسُقوا كؤوس المنايا مكان الخمر وناحت عليهم النوائح مكان القيان.
ونهى الله عباده المؤمنين بأن يكونوا مثلهم وأمرهم بإخلاص النيّة والخشية في نصرة دينه ومؤآزرة نبيه صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon