فصل
قال الفخر :
﴿ذلك بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ﴾
قيل هذا إخبار عن قول الملائكة، وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قال الواحدي : يجوز أن يقال ذلك مبتدأ، وخبره قوله :﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ ويجوز أن يكون محل ذلك نصباً، والتقدير : فعلنا ذلك بما قدمت أيديكم.
المسألة الثانية :
المراد من قوله :﴿ذلك﴾ هذا أي هذا العذاب الذي هو عذاب الحريق، حصل بسبب ما قدمت أيديكم، وذكرنا في قوله :﴿الم * ذلك الكتاب﴾ أن معناه هذا الكتاب وهذا المعنى جائز.
المسألة الثالثة :
ظاهر قوله :﴿ذلك بِمَا قَدَّمَتْ﴾ يقتضي أن فاعل هذا الفعل هو اليد، وذلك ممتنع من وجوه : أحدها : أن هذا العذاب إنما وصل إليهم بسبب كفرهم، ومحل الكفر هو القلب لا اليد.
وثانيها : أن اليد ليست محلاً للمعرفة والعلم، فلا يتوجه التكليف عليها، فلا يمكن إيصا العذاب إليها، فوجب حمل اليد ههنا على القدرة، وسبب هذا المجازان اليد آلة العمل والقدرة هي المؤثرة في العمل، فحسن جعل اليد كناية عن القدرة.
واعلم أن التحقيق أن الإنسان جوهر واحد وهو الفعل وهو الدراك وهو المؤمن وهو الكافر وهو المطيع والعاصي، وهذه الأعضاء آلات له وأدوات له في الفعل فأضيف الفعل في الظاهر إلى الآلة، وهو في الحقيقة مضاف إلى جوهر ذات الإنسان.
المسألة الرابعة :
قوله :﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ يقتضي أن ذلك العقاب كالأمر المتولد من الفعل الذي صدر عنه، وقد عرفت أن العقاب إنما يتولد من العقائد الباطلة التي يكتبها الإنسان، ومن الملكات الراسخة التي يكتسبها الإنسان، فكان هذا الكلام مطابقاً للمعقول.
ثم قال تعالى :﴿وَأَنَّ الله لَيْسَ بظلام لّلْعَبِيدِ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :