فصل
قال الفخر :
الصفة الثانية : أن يكون ناقضاً للعهد على الدوام فقوله :﴿الذين عاهدت مِنْهُمْ﴾ بدل من قوله :﴿الذين كَفَرُواْ﴾ أي الذين عاهدت من الذين كفروا وهم شر الدواب وقوله :﴿مِنْهُمْ﴾ لتبعيض فإن المعاهدة إنما تكون مع أشرافهم وقوله :﴿ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلّ مَرَّةٍ﴾ قال أهل المعاني إنما عطف المستقبل على الماضي، لبيان أن من شأنهم نقض العهد مرة بعد مرة.
قال ابن عباس : هم قريظة فإنهم نقضوا عهد رسول الله ﷺ وأعانوا عليه المشركين بالسلاح في يوم بدر، ثم قالوا : أخطأنا فعاهدهم مرة أخرى فنقضوه أيضاً يوم الخندق، وقوله :﴿وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ﴾ معناه أن عادة من رجع إلى عقل وحزم أن يتقي نقض العهد حتى يسكن الناس إلى قوله ويثقوا بكلامه، فبين تعالى أن من جمع بين الكفر الدائم وبين نقض العهد على هذا الوجه كان شر الدواب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٥ صـ ١٤٦﴾