وقال القاسمى :
﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [ ٥٣ ].
﴿ ذَلِكَ ﴾ أي : التعذيب الذي علم كونه مؤاخذة بالذنوب ﴿ بِأَنَّ اللّهَ ﴾ أي : بسبب أنه تعالى :﴿ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ ﴾ بتبديله إياها بالنقمة
﴿ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ من وجبات تلك النعم من اعتقاد أو قول أو علم.
وهذا إخبار عن تمام عدله وقسطه في حكمه، بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه، كقوله تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾.
قال القاشانيّ : كل ما يصل إلى الْإِنْسَاْن هو الذي يقتضيه استعداده، ويسأله بدعاء الحال، وسؤال الاستحقاق.
فإذا أنعم على أحد النعمة الظاهرة أو الباطنة
لسلامة الإستعداد، وبقاء الخيرية فيه لم يغيرها حتى أفسد استعداده، وغير قبوله للصلاح، بالإحتجاب وانقلاب الخير الذي فيه بالقوة إلى الشر، لحصول الرين وارتكام الظلمة فيه، بحيث لم يبق له مناسبة للخير، ولا إمكان لصدروه منه، فيغيرها إلى النقمة عدلاً منه وجوداً، وطلباً من ذلك الاستعداد إياها بجاذبة الجنسية والمناسبة، لا ظلماً وجوراً. انتهى.
﴿ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ أي : فيغير إذا غيّروا، غضباً عليهم بما يسمع منهم أو يعلم. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٨ صـ ٣٢٠﴾