يَحْضُرُونَ وَفَاتَهُمْ، كَمَا أَنَّهُمْ لَا يَسْمَعُونَ كَلَامَهُمْ عِنْدَمَا يَقُولُونَ لَهُمْ : وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ - لَوْ رَأَيْتَ ذَلِكَ لَرَأَيْتَ أَمْرًا عَظِيمًا، يَرُدُّ الْكَافِرَ عَنْ كُفْرِهِ، وَالظَّالِمَ عَنْ ظُلْمِهِ، إِذَا هُوَ عَلِمَ عَاقِبَةَ أَمْرِهِ. وَالْمُرَادُ بِعَذَابِ الْحَرِيقِ عَذَابُ النَّارِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الْبَعْثِ. وَرُوِيَ أَنَّ ضَرْبَ الْوُجُوهِ وَالْأَدْبَارِ كَانَ بِبَدْرٍ : كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَضْرِبُونَ مَا أَقْبَلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ وُجُوهِهِمْ، وَالْمَلَائِكَةُ تَضْرِبُ أَدْبَارَهُمْ مِنْ وَرَائِهِمْ. وَقَدْ عَلِمْتَ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنَ التَّحْقِيقِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ تُقَاتِلْ يَوْمَ بَدْرٍ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مُثَبِّتَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَا تَغُرَّنَّكَ الرِّوَايَاتُ، وَمِنْهَا حَدِيثُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عِنْدَ ابْنِ جَرِيرٍ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي رَأَيْتُ بِظَهْرِ أَبِي جَهْلٍ مِثْلَ الشَّوْكِ. فَقَالَ :" ذَلِكَ ضَرْبُ الْمَلَائِكَةِ " وَلَعَلَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ مَرَاسِيلَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ كَالرِّيحِ أَيْ لَا يُقْبَضُ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ.