وَمِنْ كَلَامِهِ فِي تَأْثِيرِ الْأَخْلَاقِ فِي تَرَقِّي الْأُمَمِ وَتَدَلِّيهَا وَقُوَّتِهَا وَضَعْفِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، قَوْلُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِهِ (رُوحُ الِاشْتِرَاكِيَّةِ) وَمَوْضُوعُهُ (نَفْسِيَّةُ الشُّعُوبِ) : وَأَذْكُرُ هُنَا مَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ كَثِيرًا فِي كُتُبِي الْأَخِيرَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْأُمَمَ لَا تَنْحَطُّ وَتَزُولُ إِذَا تَنَاقَصَ ذَكَاءُ أَبْنَائِهَا، بَلْ إِذَا سَقَطَتْ أَخْلَاقُهَا. هَذِهِ سُنَّةٌ طَبِيعِيَّةٌ جَرَتْ أَحْكَامُهَا عَلَى الْيُونَانَ وَالرُّومَانِ، وَأَخَذَتْ تَجْرِي فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَيْضًا، لَا يَزَالُ أَكْثَرُ النَّاسِ لَا يَفْقَهُونَ هَذَا الْقَوْلَ، وَيُجَادِلُونَ فِي صِحَّتِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ أَخَذَ يَنْتَشِرُ، وَقَدْ رَأَيْتُهُ مُفَصَّلًا فِي كِتَابٍ وَضَعَهَ حَدِيثًا الْكَاتِبُ الْإِنْكِلِيزِيُّ (الْمِسْتَرْ بِنْيَامِينُ كِيد) وَلَا أَرَى لِتَأْيِيدِ قَضِيَّتِي أَفْضَلَ مِنِ اقْتِبَاسِ بَعْضِ عِبَارَاتٍ عَنْهُ بَيَّنَ فِيهَا - مُنْصِفًا غَيْرَ مُحَابٍ - الْفَرْقَ بَيْنَ الْخُلُقِ (الْأَنْجُلُوسَكْسُونِيِّ) وَالْخُلُقِ الْفَرَنْسَوِيِّ وَنَتَائِجَ هَذَا الْفَرْقَ اهـ. (ص١٠٤ و١٠٥) مِنَ التَّرْجَمَةِ الْعَرَبِيَّةِ.