الْأَمِيرِكَانِيَّةِ فَظَهَرَ بِهِ خَطَأُ الْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ، وَهَذَا زَعْمٌ بَاطِلٌ يَتَقَرَّبُ بِهِ قَائِلُهُ إِلَى الْمُسْرِفِينَ مِنَ الْفُسَّاقِ، وَلَا يَزَالُ الْأَطِبَّاءُ وَالْحُكَمَاءُ مُجْمِعِينَ عَلَى هَدْمِ الْإِسْرَافِ فِي الشَّهَوَاتِ لِبِنَاءِ الْبِنْيَةِ بِمَا يُوَلِّدُهُ مِنَ الضَّعْفِ وَالْأَمْرَاضِ، كَمَا أَنَّهُ مُفْسِدٌ لِلْآدَابِ وَالْأَخْلَاقِ.
مَازَالَ الْبَشَرُ يُمَارُونَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْحِسِّيَّاتِ وَالضَّرُورِيَّاتِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ الْمَقْبُولُ فِي كُلِّ مَوْضُوعٍ لِعُلَمَاءِ أَهْلِهِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ يُمَارُونَ فِي مَضَارِّ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَيَدَّعُونَ نَفْعَهَا، وَالْأَطِبَّاءُ الْمُحَقِّقُونَ يُثْبِتُونَ خِلَافَ ذَلِكَ، يُثْبِتُونَ أَنَّ إِثْمَهَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهَا، وَأَنَّ النَّفْعَ الْقَلِيلَ الْخَاصَّ بِبَعْضِ الْأَحْوَالِ الْمَرَضِيَّةِ قَدْ يُعَارِضُهَا فِيهَا نَفْسَهَا مِنَ الضَّرَرِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، فَيُجْعَلُ تَرْكُ التَّدَاوِي بِهَا أَوْلَى إِذَا وُجِدَ أَيُّ شَيْءٍ آخَرَ يَقُومُ مَقَامَهَا.