وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ ولا تحسبنَّ الذين كفروا سبقوا ﴾
قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم :"ولا تحسِبن" بالتاء وكسر السين ؛ إلا أن عاصماً فتح السين.
وقرأ ابن عامر، وحمزة، وحفص عن عاصم : بالياء وفتح السين.
وفي الكافرين هاهنا قولان.
أحدهما : جميع الكفار، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني : أنهم الذين انهزموا يوم بدر، ذكره محمد بن القاسم النحوي وغيره.
و"سبقوا" بمعنى : فاتوا.
قال ابن الأنباري : وذلك أنهم أشفقوا من هلكة تنزل بهم في بعض الأوقات ؛ فلما سلموا منها، قيل : لا تحسبنَّ أنهم فاتوا بسلامتهم الآن، فانهم لا يعجزونا، أي : لا يفوتونا فيما يستقبلون من الأوقات.
قوله تعالى :﴿ إنهم لا يُعجزون ﴾ قرأ الجمهور : بكسر الألف.
وقرأ ابن عامر : بفتحها ؛ وعلى قراءته اعتراض.
لقائل أن يقول : إذا كان قد قرأ "يحسبن" بالياء، وقرأ "أنهم" بالفتح، فقد أقرَّهم على أنهم لا يُعجزون ؛ ومتى علموا أنهم لا يعجزون، لم يلاموا.
فقد أجاب عنه ابن الأنباري فقال : المعنى :"لا يحسبن الذين كفروا سبقوا" لا يَحسِبُنَّ أنهم يعجزون ؛ و"لا" زائدة مؤكدة.
وقال أبو علي : المعنى : لا يحسبنَّ الذين كفروا أنفسَهم سبقوا وآباءَهم سبقوا، لأنهم لا يفوتون، فهم يُجزَون على كفرهم. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon