وقال بعضهم : حذر الله تعالى بهذه الآية أولياءه عن مشابهة أعدائه في رؤية غيره سبحانه ﴿ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ [ الأنفال : ٤٧ ] وهو التوحيد والمعرفة ﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشيطان ﴾ أي شيطان الوهم ﴿ أعمالهم ﴾ في التغلب على مملكة القلب وقواه ﴿ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليوم مِنَ الناس ﴾ أوهمهم تحقيق أمنيتهم بأن لا غالب لكم من ناس الحواس وكذا سائر القوى ﴿ وَإِنّي جَارٌ لَّكُمْ ﴾ أمدكم وأقويكم وأمنعكم من ناس القوى الروحانية ﴿ فَلَمَّا تَرَاءتِ الفئتان نَكَصَ على عَقِبَيْهِ ﴾ لشعوره بحال القوى الروحانية وغلبتها لمناسبته إياها من حيثية إدراك المعاني ﴿ وَقَالَ إِنّي بَرِىء مّنْكُمْ ﴾ لأني لست من جنسكم ﴿ إِنّي أرى مَا لاَ تَرَوْنَ ﴾ من المعاني ووصول المدد إليهم من سماء الروح وملكوت عالم القدس ﴿ إِنّى أَخَافُ الله ﴾ سبحانه لشعور ببعض أنواره وقهره، وذكر الواسطي بناءً على أن المراد من الشيطان الظاهر، أن اللعين ترك ذنب الوسوسة إذ ذاك لكن ترك الذنب إنما يكون حسناً إذا كان إجلالاً وحياءً من الله تعالى لا خوفاً من البطش فقط وهو لم يخف إلا كذلك ﴿ والله شَدِيدُ العقاب ﴾ [ الأنفال : ٤٨ ] إذ صفاته الذاتية والفعلية في غاية الكمال اه بأدنى تغيير وزيادة.


الصفحة التالية
Icon