والذي أقوله أنهم كانوا مأمورين أوّلاً بقتل الكفار في غير ما آية كقوله ﴿ واقتلوهم حيث وجدتموهم ﴾ ﴿ واقتلوهم حيث ثقفتموهم ﴾ فلما كانت وقعة بدر وأسروا جماعة من المشركين اختلفوا في أخذ الفداء منهم وفي قتلهم فعوتب من رأى الفداء إذ كان قد تقدّم الأمر بالقتل حيث لم يستصحبوا امتثال الأمر ومالوا إلى الفداء وحرصوا على تحصيل المال ألا ترى إلى قول المقداد حين أمر الرسول ( ﷺ ) بقتل عقبة بن أبي معيط قال : أسيري يا رسول الله، وقول مصعب بن عمير لمن أسر أخاه : شدّ يدك عليه فإن له أما مؤسرة، ثم بعد هذه المعاتبة أمر الرسول بقتل بعض والمنّ بالإطلاق في بعض والفداء في بعض فكان ذلك نسخاً لتحتّم القتل، ثم قال تعالى :﴿ لولا كتاب من الله سبق ﴾ في تأييدكم ونصركم وقهركم أعداءكم حتى استوليتم عليهم قتلاً وأسراً ونهباً على قلّة عددكم وعددكم ﴿ لمسكم فيما أخذتم ﴾ من غنائمهم وفدائهم عذاب عظيم منهم لكونهم كانوا أكثر عدداً منكم وعدداً ولكنه سهل تعالى عليكم ولم يمسّكم منهم عذاب لا بقتل ولا أسر ولا نهب وذلك بالحكم السابق في قضائه أنه يسلّطكم عليهم ولا يسلّطهم عليكم فليس المعنى لمسكم من الله وإنما المعنى لمسكم من أعدائكم كما قال :﴿ إن يمسسكم قرح فقد مسّ القوم قرح مثله ﴾.
وقال :﴿ إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون ﴾. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾