ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه، وأنزل الله فيه :﴿ يا أيها النبي قُل لِّمَن في أَيْدِيكُمْ مِّنَ الأسرى ﴾ الآية " قال ابن إسحاق : وكان أكثر الأسارى فداءً العباس بن عبد المطلب ؛ لأنه كان رجلاً موسراً، فافتدى نفسه بمائة أوقيّة من ذهب وفي البخاري : وقال موسى بن عقبة قال ابن شهاب :" حدّثني أنس بن مالك : أن رجالاً من الأنصار استأذنوا رسول الله ﷺ فقالوا : يا رسول الله ؛ ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه.
فقال :"لا والله لا تذرون درهماً" " وذكر النقاش وغيره : أن فداء كل واحد من الأسارى كان أربعين أوقية، إلا العباس فإن النبيّ ﷺ قال :" "أضعفوا الفداء على العباس" وكلّفه أن يفدي ابني أخويه عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث فأدى عنهما ثمانين أوقية، وعن نفسه ثمانين أوقية وأخذ منه عشرون أوقية وقت الحرب.
وذلك أنه كان أحد العشرة الذين ضَمِنوا الإطعام لأهل بدر، فبلغت النَّوبة إليه يوم بَدْر فاقتتلوا قبل أن يُطعم، وبقيت العشرون معه فأخذت منه وقت الحرب ؛ فأخذ منه يومئذ مائة أوقيّة وثمانون أوقية.
فقال العباس للنبيّ ﷺ : لقد تركتني ما حييتُ أسأل قريشاً بكَفِّي.
فقال النبي ﷺ :"أين الذهب الذي تركته عند امرأتك أمّ الفضل"؟ فقال العباس أيّ ذهب؟ فقال له رسول الله ﷺ :"إنك قلتُ لها لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا فإن حدث بي حدث فهو لك ولولدك" فقال : يا ابن أخي، من أخبرك بهذا؟ قال :"الله أخبرني" "
قال العباس : أشهد أنك صادق، وما علمت أنك رسول الله قطّ إلا اليوم، وقد علمت أنه لم يطلعك عليه إلا عالم السرائر، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله، وكفَرتُ بما سواه.
وأمر ابني أخويه فأسلما ؛ ففيهما نزلت ﴿ يا أيها النبي قُل لِّمَن في أَيْدِيكُمْ مِّنَ الأسرى ﴾.


الصفحة التالية
Icon