قال عبد الله بن أبي بكر : حدّثت عن زينب بنت رسول الله ﷺ أنها قالت : لما قدم أبو العاص مكة قال لي : تجهزّي، فالحقي بأبيك.
قالت : فخرجت أتجهز فلقيتني هند بنت عتبة فقالت : يا بنت محمد ؛ ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك؟ فقلت لها : ما أردت ذلك.
فقالت : أيْ بنت عمّ، لا تفعلي، إني امرأة مُوسرة وعندي سِلَع من حاجتك، فإن أردْتَ سلْعة بعتُكَهَا، أو قَرْضاً من نفقة أقرضتك ؛ فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال.
قالت : فوالله ما أُراها قالت ذلك إلا لتفعل ؛ فخفتها فكتمتها وقلت : ما أريد ذلك.
فلما فرغت زينب من جهازها ارتحلت وخرج بها حَمُوها يقود بها نهاراً كنانةُ بن الربيع.
وتسامع بذلك أهل مكة، وخرج في طلبها هَبّار بن الأسود ونافع بن عبد القيس الفِهري ؛ وكان أوّل من سبق إليها هبّار فروعها بالرمح وهي في هَودْجها.
وبرك كنانة ونثر نَبله، ثم أخذ قوسه وقال : والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهماً.
وأقبل أبو سفيان في أشراف قريش فقال : يا هذا، أُمسك عنّا نَبْلك حتى نكلمك ؛ فوقف عليه أبو سفيان وقال : إنك لم تصنع شيئاً، خرجت بالمرأة على رؤوس الناس، وقد عرفتَ مصيبتنا التي أصابتنا ببَدْر فتظن العرب وتتحدث أن هذا وَهْن منا وضعف خروجك إليه بابنته على رؤوس الناس من بين أظهرنا.
ارجع بالمرأة فأقم بها أياماً، ثم سُلَّها سَلاّ رفيقاً في الليل فألحقها بأبيها ؛ فلعمري ما لنا بحبسها عن أبيها من حاجة، وما لنا في ذلك الآن من ثُؤْرة فيما أصاب منا ؛ ففعل.
فلما مرّ به يومان أو ثلاثة سلَّها ؛ فانطلقت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فذكروا أنها قد كانت ألقت للرّوعة التي أصابتها حين روّعها هَبَّار ابن أم درهم ما في بطنها.
الثالثة قال ابن العربيّ :"لما أسِر مَن أسر من المشركين تكلم قوم منهم بالإسلام ولم يمضوا فيه عزيمة ولا اعترفوا به اعترافاً جازما.


الصفحة التالية
Icon