فصل


قال الفخر :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾
اعلم أن الرسول لما أخذ الفداء من الأسارى وشق عليهم أخذ أموالهم منهم، ذكر الله هذه الآية استمالة لهم فقال :﴿رَّحِيمٌ يا أيها النبى قُل لّمَن فِى أَيْدِيكُم مّنَ الاسرى﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت في العباس، وعقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحرث، كان العباس أسيراً يوم بدر ومعه عشرون أوقية من الذهب أخرجها ليطعم الناس، وكان أحد العشرة الذين ضمنوا الطعام لأهل بدر فلم تبلغه التوبة حتى أسر، فقال العباس : كنت مسلماً إلا أنهم أكرهوني، فقال عليه السلام :" إن يكن ما تذكره حقاً فالله يجزيك " فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا.
قال العباس : فكلمت رسول الله أن يرد ذلك الذهب علي، فقال :"أما شيء خرجت لتستعين به علينا فلا" قال : وكلفني الرسول فداء ابن أخي عقيل بن أبي طالب عشرين أوقية، وفداء نوفل بن الحرث، فقال العباس : تركتني يا محمد أتكفف قريشاً، فقال رسول الله ﷺ :"أين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك من مكة وقلت لها : لا أدري ما يصيبني، فإن حدث بي حادث فهو لك ولعبد الله وعبيد الله والفضل" فقال العباس : وما يدريك ؟ قال :"أخبرني به ربي" قال العباس : فأنا أشهد أنك صادق وأن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله، والله لم يطلع عليه أحد إلا الله، ولقد دفعته إليها في سواد الليل، ولقد كنت مرتاباً في أمرك، فأما إذ أخبرتني بذلك فلا ريب.
قال العباس : فأبدلني الله خيراً من ذلك، لي الآن عشرون عبداً، وإن أدناهم ليضرب في عشرين ألفاً، وأعطاني زمزم، وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة، وأنا أنتظر المغفرة من ربي.


الصفحة التالية
Icon