والجملة إِذا جاءَت بعد جملة من غير تراخ بنزول جاءَت مربوطة بما قبلها إِمّا بواو العطف وإِمّا بكناية تعود من الثانية إِلى الأُولى، وإِمَّا بإِشارة فيها إِليها.
وربّما بين اثنين منها، والثلاثة ؛ للدّلالة على مبالغة فيها.
ففى السّورة ﴿خَالِدًا فِيْهَا ذلك﴾ و ﴿خَالِدِيْنَ فِيْهَا ذلك﴾ وفيها أَيضاً ﴿وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلك هُوَ﴾ فجمع بين الثلاثة، تنبيهاً على أَنَّ الاستبشار من الله يتضمّنُ رضوانَه، والرضوان يتضمّن الخلود فى الجنضان قا تاج القُرَّاءِ : ويحتمل أَنَّ ذلك لما تقدّمه من قوله :﴿وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ﴾ فيكون كلّ واحد منهما فى مقابلة (واحد، وكذلك فى المؤمن تقدمه "فاغفر وقهم وأَدخلهم"، فوقعت فى مقابلة) الثَّلاثة.
قوله :﴿وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ ثم قال بعد :﴿وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ لأَنَّ قوله :(وطبع) محمول على رأْس الآية، وهو قوله :﴿وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُوْرَةٌ﴾ فبُنى مجهول على مجهول، والثانى محمول، على ما تقدم من ذكر الله تعالى مرّات (وكان) اللائق : وطَبَع الله، ثمّ ختم كلَّ آية بما يليق بها، فقال فى الأُولى : لا يفقهون، وفى الثانية : لا يعلمون، لأَنَّ العلم فوق الفقه، والفعل المسند إِلى الله فوق المسند إِلى المجهول.
قوله :﴿وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ﴾، وقال فى الأُخرى :﴿وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَسَتُرَدُّونَ﴾ لأَنَّ الأُولى فى المنافقين، ولا يطَّلع على ضمائرهم إِلاَّ الله تعالى، ثم رسوله بإِطْلاع الله إِيَّاه عليها ؛ كقوله :﴿قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ﴾ والثانية فى المؤمنين، وطاعات المؤمنين وعباداتهم ظاهرة لله ولرسوله وللمؤمنين.
وخَتَم آية المنافقين بقوله :﴿ثُمَّ تُرَدُّونَ﴾ فقطعه عن الأَول ؛ لأَنه وعيد.