والقول الثالث ما رواه ابن جريج عن مجاهد أنه قال : يوم الحج الأكبر أيام منى كلها، وهو مذهب سفيان الثوري، وكان يقول يوم الحج الأكبر أيامه كلها، ويقول يوم صفين، ويوم الجمل يراد به الحين والزمان، لأن كل حرب من هذه الحروب دامت أياماً كثيرة.
حجة من قال يوم عرفة قوله عليه الصلاة والسلام :" الحج عرفة " ولأن أعظم أعمال الحج هو الوقوف بعرفة، لأن من أدركه، فقد أدرك الحج، ومن فاته فقد فاته الحج.
وذلك إنما يحصل في هذا اليوم.
وحجة من قال إنه يوم النحر، هي أن أعمال الحج إنما تتم في هذا اليوم، وهي الطواف والنحر والحلق والرمي، وعن علي رضي الله عنه أن رجلاً أخذ بلجام دابته فقال : ما الحج الأكبر.
قال : يومك هذا، خل عن دابتي، وعن ابن عمر أن رسول الله ﷺ، وقف يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع.
" فقال هذا يوم الحج الأكبر، " وأما قول من قال المراد مجموع تلك الأيام، فبعيد لأنه يقتضي تفسير اليوم بالأيام الكثيرة، وهو خلاف الظاهر.
فإن قيل : لم سمي ذلك بالحج الأكبر ؟
قلنا فيه وجوه : الأول : أن هذا هو الحج الأكبر، لأن العمرة تسمى الحج الأصغر.
الثاني : أنه جعل الوقوف بعرفة هو الحج الأكبر لأنه معظم واجباته، لأنه إذا فات الحج، وكذلك إن أريد به يوم النحر، لأن ما يفعل فيه معظم أفعال الحج الأكبر.
الثالث : قال الحسن : سمي ذلك اليوم بيوم الحج الأكبر لاجتماع المسلمين والمشركين فيه، وموافقته لأعياد أهل الكتاب، ولم يتفق ذلك قبله ولا بعده، فعظم ذلك اليوم في قلب كل مؤمن وكافر.
طعن الأصم في هذا الوجه وقال : عيد الكفار فيه سخط، وهذا الطعن ضعيف، لأن المراد أن ذلك اليوم يو استعظمه جميع الطوائف، وكان من وصفه بالأكبر أولئك.
والرابع : سمي بذلك لأن المسلمين والمشركين حجوا في تلك السنة.
والخامس : الأكبر الوقوف بعرفة، والأصغر النحر، وهو قول عطاء ومجاهد.


الصفحة التالية
Icon